: انقذو السودان من السيانيد
السيانيد هو مركب كيميائي شديد السمية، يوجد في الطبيعة بتركيزات منخفضة في بعض النباتات والفواكه، ويستخدم صناعيًا في عدة مجالات. يتكون من ذرة كربون مرتبطة بذرة نيتروجين برابطة ثلاثية.
استخدام السيانيد في السودان؛
في السودان،
يرتبط استخدام السيانيد بشكل أساسي بعمليات تعدين الذهب. وتعتبر طريقة "السيانيد" هي الطريقة السائدة عالميًا لاستخلاص الذهب، حيث تستخدمها الشركات الكبرى لانتزاع الذهب من الخام بنسبة عالية تتجاوز 97%.
لكن في سياق التعدين الأهلي أو التقليدي في السودان، الذي يعتمد على أدوات بسيطة، كان يتم استخدام مادة الزئبق في الماضي، والتي تعتبر مادة سامة أيضًا وتسبب أضرارًا بيئية وصحية كبيرة. ومع التطور، بدأت بعض عمليات التعدين الأهلي غير المنظمة تستخدم السيانيد لمعالجة مخلفات الزئبق واستخراج ما تبقى من الذهب فيها، مما أدى إلى تفاقم المخاطر البيئية والصحية على المجتمعات المحلية.
تكمن خطورة استخدام السيانيد في السودان في عدة نقاط:
* مخاطر صحية: السيانيد مادة قاتلة يمكن أن تسبب الوفاة في حال استنشاقها أو بلعها.
* تلوث البيئة: عند إلقاء مخلفات السيانيد في التربة أو المسطحات المائية، فإنها تلوث المياه الجوفية وتؤثر على الحياة النباتية والحيوانية.
* غياب الرقابة: في مناطق التعدين التقليدية، غالبًا ما يفتقر التعامل مع هذه المواد إلى الإشراف الفني والرقابة اللازمة، مما يعرض العمال والسكان للخطر.
ونظرًا لهذه المخاطر، قرر مجلس الوزراء السوداني في أكتوبر 2019 إيقاف استخدام الزئبق والسيانيد في عمليات التعدين بشكل فوري، وتعديل الاتفاقات مع الشركات العاملة في هذا المجال لضمان الالتزام بالمعايير البيئية والصحية.
مخاطر السيانيد في السودان
تُعدّ قضية استخدام السيانيد في عمليات التعدين عن الذهب بالسودان من أكبر التحديات البيئية التي تواجه البلاد، حيث تُشكّل هذه المادة الكيميائية السامة تهديدًا وجوديًا على النظم البيئية والموارد الطبيعية.
التفاعلات الكيميائية وتأثيرها على البيئة ⚠️
يُستخدم السيانيد في عمليات استخلاص الذهب من خاماته، إلا أن سوء إدارته وعدم التخلص منه بطرق علمية سليمة يؤدي إلى تلوث بيئي كارثي. عندما يتفاعل السيانيد مع الماء، فإنه يُنتج غاز سيانيد الهيدروجين (HCN) شديد السمية، الذي يؤثر على التربة والمياه الجوفية والسطحية على حد سواء. يتسبب هذا التلوث في تفكيك المركبات العضوية في التربة، مما يُعيق نمو النباتات ويُقلل من خصوبتها.
التداعيات البيولوجية والفسيولوجية 💀
يُعدّ السيانيد سمًا فعالًا يؤثر بشكل مباشر على الكائنات الحية. فعندما يتسرب إلى المياه، يُعيق قدرة الخلايا على استخدام الأكسجين، مما يؤدي إلى تثبيط عملية التنفس الخلوي. هذا التأثير يُسبب اختناقًا على المستوى الخلوي، مما يؤدي إلى نفوق الكائنات المائية مثل الأسماك والبرمائيات. وعند تعرض الإنسان أو الحيوان للسيانيد عبر استنشاق الغاز أو شرب المياه الملوثة، فإنه يُؤثر على الجهاز العصبي والجهاز الدوري، مما قد يُسبب تلفًا في الأعضاء الحيوية، وفي حالات التعرض الحادة، يؤدي إلى الوفاة.
التوصيات والحلول الاستراتيجية
للتصدي لهذه الكارثة البيئية، يجب اتخاذ خطوات استراتيجية قائمة على أسس علمية:
* الرقابة البيئية الصارمة: يجب فرض رقابة صارمة على عمليات التعدين، مع استخدام تقنيات متقدمة لرصد مستويات السيانيد في المياه والتربة.
* الاستثمار في التقنيات البديلة: يجب على الحكومة تشجيع الاستثمار في تقنيات تعدين بديلة وصديقة للبيئة، مثل استخدام طرق فيزيائية أو بيولوجية لاستخلاص الذهب.
* التوعية والتثقيف: يجب تنظيم حملات توعية علمية تستهدف المجتمعات المحلية والعاملين في قطاع التعدين، لتوضيح المخاطر الصحية والبيئية للسيانيد.
إن حماية البيئة والموارد الطبيعية في السودان ليست مجرد مسؤولية أخلاقية، بل هي ضرورة حتمية لضمان استدامة التنمية وسلامة الأجيال القادمة.