الى: الدكتورة/ياسمين فؤاد وزير البيئة المصري

الأمن الغذائي المصري مهدد

أقول إن التغيرات المناخية هي ظاهرة عالمية ذات تأثيرات محلية، فهي تؤثر على الأماكن الأضعف في تكوينها وتركيبها الجغرافي والطوبوغرافي، فهي قضية غير عادلة من الناحية الإنسانية والاجتماعية، وتزيد الغني غنًى والفقير فقرًا، فالمناطق الممطرة تزداد مطرًا، والجافة تزيد جفافًا، وهكذا..
ولأن مصر تقع في منطقة جغرافية فقيرة وهشة مناخيًّا، إذ لا يتجاوز المطر 100 مم إلا في المناطق الساحلية في أقصى الشريط الشمالي الضيق، أما على مستوى باقي مناطق الجمهورية فمعدلات المطر لا تُذكر. وفي جنوب مصر من الممكن أن تصل إلى صفر مم، إذًا تقع مصر في منطقة جافة، ليس فيها سوى خط رفيع غني بالمياه، لا تزيد مساحته عن 3 إلى 4% من مساحة مصر، اسمه نهر النيل والدلتا، والباقي عبارة عن صحراء، وهو النطاق الذي يتأثر أكثر بالمناخ. ويصنف مناخ مصر في الشمال على أنه مناخ بحر متوسط في معظمه، أما في الجنوب فهناك مناخ جاف وشبه جاف.
هذا المناخ كان من أكثر مناخات العالم استقرارًا على مدار التاريخ، بدليل قيام معظم الحضارات حول حوض البحر المتوسط. وهذه المنطقة يميزها فصلان مناخيان واضحان جدًّا، فصل الشتاء البارد وفصل الصيف الحار، وكنتيجة للتغير المناخي حدثت زيادة ارتباك في النظام المناخي، وتعرضت هذه المنظومة لـ"تشوه"، فبدأت تحدث زيادة في التقلبات المناخية الحادة، وكذلك هطول كميات من الأمطار في توقيت زمني محدود، ما قد يتسبب في حدوث سيول، كما حدث في مناطق البحر الأحمر وسيناء وشمال الدلتا وجنوب الصعيد، أو موجات حارة طويلة جدًّا، وأحيانًا تحدث موجات شديدة الحرارة لمدة يوم أو يومين في توقيت غير طبيعي، كما حدث في 22 مايو الماضي، عندما وصلت درحة الحرارة في مصر إلى 50 درجة مئوية، وكانت تلك أعلى درجة حرارة على سطح الأرض في ذلك اليوم.
إذًا المناخ ذاته تغير، وتغير بطريقة دراماتيكية، وكان من المفترض بناءً على النماذج الموجودة أن هذا التغير يحدث خلال 10 سنوات إلى 20 سنة من الآن، لكننا فوجئنا أن التغير كان سريعًا جدًّا، ومواعيد حدوثه كانت مبكرة، وهذا ما تسبب في وقوع مشكلات كبيرة في الأنشطة الاقتصادية الرئيسية في مصر، وعلى رأسها النشاط الزراعي وما يمس الأمن الغذائي في مصر.
ولذلك،
يمكن التخفيف من حدة التغير المناخي لأنه ظاهرة من صنع البشر تستطيع الحكومة والمجتمع تخفيف حدتها.
إن تغير المناخ يلحق الضرر بنا جميعًا، وسيظل يلحق بنا الأذى ما لم تتخذ حكوماتنا إجراءاتٍ للتعامل معه. غير أن الأرجح أن تكون آثارُه أوضح أكثر بالنسبة لمجموعاتٍ معينة – مثلاً، تلك المجموعات المعتمدة على الزراعة والصيد البحري في تحصيل أرزاقها.
لذلك التغيير الذي يجب ان يتحقق هو:
1- زراعة المزيد من الأشجار

قال الخبراء إن غرس الأشجار له قدرة هائلة على التصدي لأزمة المناخ، فحسب الأبحاث الحديثة فإن 900 مليون هكتار من الغطاء الشجري الإضافي في جميع أنحاء العالم، يكفي لتخزين 25% من تجمع الكربون الحالي في الغلاف الجوي.

2- تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى صخور

تنطوي عملية تمعدن الكربون على تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى معادن كربونية، عن طريق محاكاة الطريقة التي يتم بها صنع الأصداف والحجر الجيري بشكل طبيعي.

وناقش الخبراء العديد من التقنيات، ومنها التقاط ثاني أكسيد الكربون من المنشآت الصناعية باستخدام البكتيريا، ثم استخدامه في إنتاج مواد بناء مفيدة كمنتج ثانوي.

4- تشجيع الاتجاه للطاقات المتجددة في وسائل النقل

دعا الخبراء إلى تقديم حوافز مالية سخية لتشجيع المركبات عديمة الانبعاثات (تعمل بطاقة الهيدروجين أو الكهرباء)، وتشمل الإعفاء من ضريبة المبيعات ومواقف مجانية للسيارات في بعض الأماكن.
وتشجيع اصحاب السيارات على تحويل سياراتهم لتعمل بالطاقة النظيفة.

ما هي اهميتها؟

لأننا جميعا نستحق الحماية المتساوية

لقد ولدنا جميعًا متمتعين بالحقوق الأساسية، لكن تلك الحقوق يتهدّدها خطرٌ داهمٌ  من التغير المناخي. وبينما يهدد تغير المناخ كل حياتنا بشكل أو بآخر، فإننا نكون من بين الأكثر تضررًا. إننا جميعًا نستحق على قدرٍ متساوٍ الحماية من هذا التهديد العالمي.

لأنه لا يوجد شيء لنخسره من أخذ زمام المبادرة، وأمامنا كل شيء لنكسبه.

ان التصديَ للتغير المناخي يمنحنا الفرصة لنُوليَ الأولوية لرفاهية الناس بضمان الحق في بيئةٍ صحية. وهذا سيتيح لنا فرصةً لتعزيز حقوق الإنسان، بأن نقوم، على سبيل المثال؛ بتمكين المزيد من الناس من الحصول على موارد طاقة أنظف وأرخص، وإتاحة فرص عمل في قطاعات جديدة.

لأن لدينا المعرفة، والقوة، والقدرة لوقف التغير المناخي.

إن كثيرين من الناس يعكفون حاليًّا على إيجاد حلول خلاّقة وملهمة ومبتكرة لمواجهة تغّير المناخ. فمن المواطنين مرورًا عبر الشركات وصولاً إلى المدن، هناك أشخاص في كافة أصقاع مصر يعملون بجد على السياسات والحملات والحلول الكفيلة بحماية الناس والأرض. وطيلة قرون طور الشعب المصري ومجتمعه أساليبَ مستدامةً  للتعايش مع البيئات التي تعتبر أوطانهم. وبوسعنا أن نتعلم منهم، وأن نستفيد، بموافقتهم، من معارفهم لكي ننفخ في جهودنا نحن النشاطَ بغية العثور على طريقةٍ مختلفة للتفاعل مع بيئتنا وكوكبنا.